الخميس، 12 مارس 2015

جلسة الاعتدال

 جلسة الاعتدال

إن لم يكن الطلبة منتبهين لك ويستمعون لما يقال في الغرفة الصفيةفلا فائدة من تعليمهم مهما بلغت روعة هذا التعليم. يُجري كثيرٌ من المعلِّمين والمدارس تمارين للاستعداد للحرائق، وأخرى للتأكُّد من أن كلّ تلميذ يعرف كيف يهتدي إلى الحافلة الخاصَّة به في آخر اليوم الدراسي، ولكنهم يندر أن يفكِّروا في كيفية تعليم المسلكيات والمهارات التي تساعد التلاميذ على التركيز والتعلُّم.
هنالك خمسة أنواع من السلوك تساعد على زيادة انتباه التلاميذ إلى أقصى حدٍّ ممكن تختصرها كلمة SLANT المشكَّلة من أوائل الكلمات الآتية (وكانت هذه الكلمة قد ابتكرت في الأصل في مدارس الـمعرفة قوَّة):
Sit up =  اجلس جلسة معتدلة
Listen =  اصْغِ
Ask and answer questions = اسأل وأجب عن الأسئلة
Nod your head = هزَّ رأسك
Track the speaker = انظر إلى المتكلِّم
وثمة مدارس تحوِّر SLANT وتجعلها STAR:
Sit up = اجلس جلسة معتدلة
Track the speaker = انظر إلى المتكلِّم
Ask and answer questions like a scholar  اسأل وأجب عن الأسئلة كما يفعل التلاميذ
Respect those around you = احترم من هم حولك

        ومن أفضل مزايا الاختصار أنه قصير مختزل يذكِّر المعلِّمون بواسطته تلاميذَهم بضرورة الانتباه والاستعداد بأن يقولوا لهم بسرعة وبساطة: SLANT. ومن فوائد الاختصار المتكرِّر أنه سريع فعّال.  ومن الممكن تجزئة الاختصار عند الحاجة. ويستطيع المعلِّم أن يذكِّر التلاميذ بحرف الـ S في SLANT أو حرف الـ T. وقد دخلت الكلمة في بعض أفضل الصفوف في مفردات اللغة وأخذت تستعمل اسماً كما في جملة Where's my SLANT? وفعلاً كما في Make sure you are SLANTing.
وبما أن SLANTing جزء مهمٌّ من بيئة الصفوف ذات الأداء العالي فقد تودُّ أن تبتكر إشارات غير لفظية تساعدك على تعزيزه وتصحيحه من غير مقاطعة ما تقوم به: كأن تضم يديك أمامك لتذكير التلاميذ بالاعتدال في جلستهم أو أن تشير بإصبعيك إلى عينيك لتذكيرهم بمتابعة المتكلِّم.
   
لحظات الانتظار

من الأساليب المفيدة في استغلال قوَّة الأفكار وقدرة التلاميذ الذين لا يكونون أوَّل من يظهر عندما تسأل سؤالاً، أسلوبُ الانتظار – أي الانتظار لمدَّة ثوانٍ استراتيجية قليلة بعد الانتهاء من طرح السؤال وقبل الطلب من أحد التلاميذ أن يبدأ بالإجابة. وكانت مَيري بَدْ رُو، أستاذة التربية في جامعة فْلورِدا حتى وفاتها في سنة 1996، رائدة البحوث المتعلِّقة بمدَّة الانتظار وأظهرت أن المعلِّم النمطي ينتظر حوالي ثانية واحدة بعد طرح السؤال ويسمح بأكثر من ثانية ونصف قبل الاستماع إلى الجواب.
والتحدِّيات والمعوِّقات التي توجِدُها هذه العادة لا يُستهان بها. فالأجوبة التي يمكن أن تحصل عليها بعد تفكير يستغرق ثانية واحدة لا يحتمل أن تكون أوسع ما يستطيع التلاميذ المجيء به أو أعمقها أو أشدّها تطويراً. واستقبال الأسئلة بعد ثانية واحدة يشجِّع التلاميذ على رفع أياديهم عندما يخطر لهم أولُ جواب يمكنهم التفكير فيه إن كان لهم أن يأملوا بالمشاركة، وليس أفضل جواب. ثم إن الافتقار إلى الوقت الكافي يجعل من المحتمل تماماً أن تضيع الوقت وأنت تعالج الأجوبة الرديئة قبل حصولك على جواب جيِّد لمناقشته. ومن المفارقات أن الانتظار لضمان الحصول على أجوبة أُولى عالية الجودة قد يوفِّر الوقت لك.
يعمل الذهن بسرعة، والوقت الإضافي الضروري لتحسين نوعية الأجوبة قد يكون ضئيلاً. وقد بيَّنَتْ بعض البحوث أن عدة أمور أساسية قد تحصل إذا أعطي التلاميذ مدَّة انتظار تمتدُّ من ثلاث ثوانٍ إلى خمسٍ:
§        قد يزداد طول أجوبة التلاميذ وصحَّتُها.
§        قد يقلُّ عدد مرّات التقاعس عن الجواب (عدد التلاميذ الذين يقولون "لا أعرف").
§        قد يزداد عدد التلاميذ الذين يتطوَّعون للإجابة.
§        قد يزداد استعمال الأدلَّة لدعم الأجوبة.

غير أن الانتظار لا يقتصر على التوقُّف والعدّ إلى ثلاثة في الذهن. فمن الصعب – أوَّلاً – ضبطُ نفسك لتسمح بمرور الوقت بعد أن تطرح السؤال. ووقوفُك بلا شيء تعمله في هذه الأثناء لا يساعدك في ذلك. والأمر الثاني والأهم هو أن التلاميذ لا يعرفون كيف يستجيبون لك في أثناء الانتظار، لا سيَّما إذا لم يكونوا قد قضوا وقتاً كافياً في مدارس تتوقَّع منهم التفكير الدقيق، أو تدرِّبهم عليه، أو تخلق بيئة سلوكية يملأ التفكير الجادُّ الفراغَ فيها بين السؤال والجواب بدلاً من الهذَر والسخافات.
عليك في أثناء تدريب التلاميذ وتثقيفهم ليصبحوا تلاميذ جادّين وتعويدهم على السلوك المؤدّي للنجاح أن تفكِّر في تحسين طريقة الانتظار عن طريق وضعه في سياق سردي. فالمعلِّمون الذين يستخدمون الانتظار في سياق سرديّ يجعلون هذا الأسلوب منتجاً ومعتمداً أكثر على وضوح المقصد – أي يزيدون احتمال الحصول على نتائج إيجابية في أثناء استخدام أسلوب الانتظار. فهم يدرِّبون تلاميذهم على ما يجب أن يفعلوه في أثناء الثواني الثلاث لكي يكونوا منتجين على نحو أفضل. يفسِّرون لهم ضمناً سبب الانتظار ويقولون لهم على سبيل المثال:

1-              "أنا أنتظر المزيد من الأيدي المرفوعة".
2-              "أريد أن أرى خمس عشرة يداً قبل أن نستمع للأجوبة".
3-              أنتظر أحداً منكم يمكنه أن يربط هذا المشهد بمسرحية أخرى، لا سيَّما مَكْبِث".
4-              "سأعطيكم كثيراً من الوقت لأن هذا السؤال يحتاج إلى تفكير. وقد لا يكون الجواب الأول أفضل الأجوبة".
5-              "أرى بعضكم منشغلين بالتفكير العميق وبكتابة بعض الأفكار. سأعطي كلاً منكم عدداً آخر من الثواني لتفعلوا ذلك".
6-              "أرى بعضكم يعودون إلى الفصل ليروا إن كانوا قادرين على تعيين المشهد. هذه فكرة جيِّدة".
7-              "أنتظر من أحدكم أن يعيّن موضعاً في القطعة يمكن اكتشاف الجواب فيه".
8-              "سأبدأ بالاستماع إلى أجوبتكم بعد عشر ثوانٍ".
9-              "ها أنا ذا أرى مزيداً من الأيدي. أربع، خمس، سبع. ممتاز. أرى أنكم بدأتم تشعرون بقدْرٍ من الثقة يكفي للمجازفة".

لاحظ درجة التأكيد المختلفة في هذه السلسلة المسرودة. فالمثال الأوَّل لا يدلُّ إلاّ على أن المعلِّم يريد أن يرى عدداً أكبر من التلاميذ يشاركون. والثاني يضع هدفاً جماعيّاً للمشاركة. والثالث يعطي التلاميذ شيئاً محدَّداً مفيداً لكي يفكِّروا فيه: كيفية ربط المشهد بشيءٍ آخر كانوا قد قرأوه؛ أي -بعبارة أخرى- ما صيغة الجواب المفيد هنا؟ والرابع يدفع التلاميذ لمراجعة أنفسهم ولأن يطوِّروا إمكانيةً واحدةً أخرى على الأقلّ. والخامس يسرد أشكالاً عملية من النشاط يمكن أن يقوم بها التلاميذ في الصف (تسجيل الأفكار على الورق) ويقترح أن يفعل تلاميذ آخرون هذا أيضاً. والتركيز هنا يقع أيضاً على كيفية الاستفادة من وقت الانتظار. والسادس يختار نشاطاً منتجاً آخر للانشغال به في أثناء الانتظار لتوليد أفكار قابلة للبحث. وهذا يزيد من احتمال حصول المعلِّم على جواب مدعَّمٍ بالأدلَّة من التلاميذ. والسابع فيه تأكيدٌ مُشابهٌ، ولكنه يطلب من التلاميذ أن يعملوا عملاً منتجاً في هذه الأثناء ينتهي بتعيين موضع الجواب،  ويزيد كذلك من موثوقية المعلِّم عندما يختار جواباً صحيحاً أو غير صحيح. والثامن يتيح للمعلِّمين أن يعطوا تلاميذهم وقتاً كافياً للجواب (ومن الممكن أن يكون الوقت أطول إذا رغب المعلِّم) وذلك بتحديد وقتٍ للانتهاء. والتاسع يسرد السلوك الإيجابي لجعله النمط المعتاد ويشجِّع التلاميذ على المجازفة بالمحاولة في حالة عدم الثقة بالجواب.
زبدةُ الكلام أن المعلِّمين المتميِّزين يستخدمون وضع فترة الانتظار في سياق سرديٍّ لتحفيز نمط السلوك الأشد إنتاجيَّةً لتلاميذهم في فترة الانتظار. إنهم يعلِّمون حتى وهم ينتظرون.